إزدواجية الانتماء في الكيانات السياسية السورية

You are currently viewing إزدواجية الانتماء في الكيانات السياسية السورية
من فضلك قم بمشاركة الرابط

إزدواجية الانتماء في الكيانات السياسية السورية

تداعيات التنظيم وتحديات الإصلاح مقاربة بحثية للعمل السياسي

 

بعد عقود طويلة من احتكار السياسة بيد الحزب الواحد في سوريا، غُيّب الشعب السوري، بما في ذلك النخب، عن ممارسة العمل السياسي بشكله المؤسسي والسليم، مما أدى إلى افتقار المجتمع السوري إلى الخبرة العملية في العمل السياسي.
ومع اندلاع الثورة قبل أكثر من 13 عامًا، انخرطت شرائح واسعة من المجتمع السوري، بما فيها النشطاء والسياسيين المستقلين، في ساحة العمل العام والسياسي لأول مرة، سعياً لتحقيق أهداف الحرية والعدالة والديمقراطية.

غير أن هذه البيئة الجديدة جاءت في ظل غياب قوانين تنظم العمل السياسي وتعزز من هيكلة الأحزاب والكيانات، مما أفسح المجال أمام ظهور نوع جديد ما بات يُعرف لاحقاً بـ”المكونات” و”الأجسام والكتل السياسية” كبدائل غير تقليدية، تجمع بين السياسيين والنشطاء والمعارضين.
وبدلاً من أن تكون هذه الأجسام امتدادًا للممارسات الحزبية المعروفة، فقد ظهرت ككيانات مرنة تجتمع حول أهداف عامة بدون أسس تنظيمية واضحة أو أيديولوجيا متماسكة، مما أدى إلى خلق بيئة غير مستقرة تسودها تعددية غير منظمة.

في هذه الساحة غير المهيكلة، يتجه العديد من الأفراد إلى تأسيس تجمعات تضم فئات متنوعة، ما يؤدي إلى تداخل في الانتماءات بين هذه الأجسام، وأحياناً إلى تعدد عضويات الأفراد داخلها، بما في ذلك شغل مناصب قيادية في أكثر من جهة سياسية.
يتسبب هذا التداخل في إشكاليات عديدة، من أهمها تضارب المصالح وضعف الولاء لأهداف محددة، مما يُعقّد اتخاذ القرار الجماعي ويُضعف من قدرة المكونات على التوافق حول رؤية موحدة تخدم الصالح العام.

تسعى هذه الدراسة إلى استكشاف أبعاد هذه الإشكالية ضمن السياق السوري، من خلال تحليل تأثير ازدواجية العضوية والحضور المزدوج في المؤتمرات على الشفافية والفعالية السياسية.

كما تُلقي الضوء على تجارب دولية ناجحة في تنظيم العضوية الحزبية، بما يوفر فهمًا أعمق للسبل الممكنة لتعزيز الشفافية ، وتستعرض التحديات المتعلقة بالمرونة في الأنظمة الداخلية للكيانات السياسية، ودور الإعلام في تعميق الفجوة أو سدّها بين الكيانات والجمهور


ويأتي هذا البحث ليقدم توصيات عملية تهدف إلى إيجاد حلول قابلة للتطبيق، تُسهم في بناء بيئة سياسية سورية أكثر تنظيمًا واستقرارًا، قادرة على تلبية طموحات الشعب السوري وتحقيق التحول نحو الديمقراطية.


تنويه من فريق منصة تمكين الشباب والمكتب الإعلامي في التحالف السوري الديمقراطي

1. حول تصنيف المقالة

رغم المجهود الكبير الذي بذله فريق العمل المختص في منصة تمكين الشباب، والمكتب الإعلامي في التحالف السوري الديمقراطي، فقد اخترنا بتواضع ألا نطلق على هذا العمل صفة “دراسة” كاملة، إذ نعلم أن الدراسات العلمية في هذا المجال تتطلب جهدًا مضاعفًا ووقتًا أطول لتحقيق عمق بحثي كافٍ.
لذا، سنكتفي بتسميته “مقالة بحثية” أو “مقال رأي”، مع الإشارة إلى ورود كلمة دراسة في بعض المواضع للإشارة إلى طبيعة هذا الجهد.

قد يتضمن هذا المقال في بعض أجزائه وجهات نظر فريق العمل، مع التزامنا التام بالحيادية والدقة والمصداقية في تحليل البيانات وعرض نتائج الاستطلاعات والمقابلات.
وننوه إلى أن هذه الآراء تعكس رؤية فريق العمل وحده، ولا تعبّر بالضرورة عن موقف منصة تمكين الشباب أو التحالف السوري الديمقراطي.


2.حول منهجية المقابلات وشكر الخبراء

قام فريقنا بتوجيه اسئلة مخصصة وأجرى مقابلات فردية مع أكثر من 20 سياسيًا وخبيرًا وأكاديميًا ,وإعلامياً مختصًا في الشأن السياسي والتنظيمي السوري والعربي، ونود أن نعرب عن خالص تقديرنا لكل من أسهم في إثراء هذا العمل.
ولأن العديد من المشاركين طلبوا عدم ذكر أسمائهم، قررنا عدم إدراج أسماء الخبراء والمساهمين في هذه المقالة التزامًا بمبدأ الإنصاف تجاه الجميع.
ندرك أن عدم ذكر الأسماء قد يحرم المقالة من تعزيز المصداقية عبر الاستشهاد المباشر بالمصادر، لكننا اخترنا هذا النهج احترامًا لطلبات المشاركين الكرام، ونأمل أن يعذرونا على هذه الخطوة. 


كما نؤكد أيضًا أننا على استعداد لتقديم قائمة الأسماء لأي جهة بحثية أو أكاديمية ترغب في متابعة البحث والاستفادة من هذه الدراسة كأساس للانطلاق والتوسع اكثر في هذا الموضوع.


منهجية البحث والأدوات المستخدمة

اعتمدت هذه المقالة على منهجية بحث متعددة الجوانب، من خلال جمع البيانات عبر استطلاع رأي وتحليلها بأساليب كمية ونوعية، إلى جانب البحث المكتبي في مصادر أكاديمية ودولية. 
سعى فريق العمل إلى تقديم فهم معمق حول الانتماءات المزدوجة في المشهد السياسي السوري وتأثيرها على الاستقرار السياسي.

1. استطلاع الرأي

تم إعداد استطلاع رأي مكوّن من عدة أسئلة تغطي الموضوعات الرئيسية، ونشره في مابين 7 الى 9 مجموعات واتساب متنوعة تضم سياسيين، وأكاديميين، وناشطين في الشأن العام، وإعلاميين، مع مراعاة ملاءمة الأسئلة لتخصصات كل مجموعة.

2. تحليل البيانات الكمية

أجريت تحليلات إحصائية للنتائج المستخلصة من الاستطلاعات بهدف تحديد النسب المئوية لاختيارات المشاركين، وتقديم تحليل كمي يبرز مدى تأييد المشاركين لكل من محاور الدراسة، مع تصميم الرسوم البيانية اللازمة لفهم النتائج وعرضها بوضوح.

3. إجراء المقابلات العميقة وتحليلها
تم التواصل مع أكثر من 15 خبيرًا وأكاديميًا وسياسيًا من سوريا والدول العربية، حيث أُجريت معهم مقابلات عميقة تضمنت أسئلة مخصصة وفقًا لتخصصاتهم وخبراتهم السياسية والتنظيمية.
وقد تلقينا الإجابات عبر تسجيلات صوتية وملفات مكتوبة، أو من خلال تدوين الملاحظات أثناء مقابلات “زووم” و”ميت”. تم تحليل وتنظيم هذه الإجابات وجمعها في إطار موحد يعزز فهم التحديات.

3. إجراء المقابلات العميقة وتحليلها

تم التواصل مع أكثر من 15 خبيرًا وأكاديميًا وسياسيًا من سوريا والدول العربية، حيث أُجريت معهم مقابلات عميقة تضمنت أسئلة مخصصة وفقًا لتخصصاتهم وخبراتهم السياسية والتنظيمية.
وقد تلقينا الإجابات عبر تسجيلات صوتية وملفات مكتوبة، أو من خلال تدوين الملاحظات أثناء مقابلات زووم وميت. تم تحليل وتنظيم هذه الإجابات وجمعها في إطار موحد يعزز فهم التحديات.

4. تحليل البيانات النوعية

تضمن التحليل مراجعة شاملة للنقاشات والحوارات الجانبية التي دارت في مجموعات الواتساب حول الأسئلة المطروحة، بهدف تعميق الفهم حول انطباعات وآراء المشاركين الشخصية.

5. البحث المكتبي وتحليل المصادر الأكاديمية والدولية

اعتمد فريق العمل في منصة تمكين الشباب على مصادر أكاديمية ودولية، مثل دليل معهد الديمقراطية الوطنية، و موسوعة أكسفورد، و قاعدة بيانات البنك الدولي للمؤسسات السياسية، بهدف استخلاص المقارنات والممارسات وتوفير إطار نظري وتقنيات مقاربة للتجارب الدولية يمكن تطبيقها ولاستفادة منها في السياق السوري.

6. الاعتبارات الأخلاقية والإجرائية

تم الالتزام بالمعايير الأخلاقية والبحثية لضمان خصوصية المشاركين، حيث طلب بعضهم عدم ذكر أسمائهم، وقد تم احترام ذلك حفاظًا على النزاهة البحثية.
كذلك، حرصنا على الحيادية في عرض وتحليل البيانات، مع مراعاة الدقة في الصياغة واختيار المفردات بما يضمن تقبلها من جميع المكونات والأفراد، لضمان تقديم حلول واقعية ومنطقية يستفيد منها العاملون في الشأن العام والسياسي.

خلاصة منهجية البحث

أرست هذه المنهجية المتعددة الأبعاد أساسًا لرسم صورة شاملة حول التحديات التنظيمية التي تواجه الكيانات السياسية السورية، من خلال جمع البيانات النوعية والكمية لرصد التأثيرات التنظيمية المحتملة.
ويهيئ هذا النهج الأرضية للانتقال إلى الإطار النظري والمقاربات الدولية، حيث نستعرض التجارب والنماذج العالمية الملائمة لفهم سبل تنظيم العمل السياسي وتعزيز فعاليته.


الإطار النظري والمقاربات الدولية

يشكل الإطار النظري والمقاربات الدولية ركيزة أساسية لفهم تأثيرات الازدواجية في الانتماءات السياسية على الهوية الحزبية والاستقرار السياسي، إضافة إلى تقديم نماذج من تجارب عالمية يمكن الاستفادة منها لتوجيه العمل السياسي في السياق السوري.

1. الهوية السياسية وأثر الأيديولوجيا

وفقًا لدليل معهد الديمقراطية الوطنية، تعتبر الأيديولوجيا واحدة من أهم العناصر التي تسهم في تشكيل الهوية السياسية للأحزاب وتماسكها.
تقوم الأحزاب السياسية عادةً بتطوير أيديولوجيات واضحة ومحددة تكون بمثابة قاعدة فلسفية تعبر عن قيمها ومبادئها، ما يعزز من وضوح موقفها السياسي ويقوي انتماء أعضائها.
عندما يمتلك الحزب أيديولوجيا راسخة، تتشكل لديه هوية سياسية متميزة تسهم في تقليل فرص الازدواجية، حيث يصبح الانتماء إلى الحزب مرتبطًا بفهم عميق للالتزامات الأيديولوجية وليس فقط باتخاذ مواقف سياسية مصلحية.

وتشير التجارب إلى أن الأحزاب ذات الأيديولوجيا القوية تكتسب قدرة أكبر على استقطاب قاعدة جماهيرية مؤمنة بمبادئها، وهو ما يخلق التزامًا بين الأعضاء، ويحدّ من انتقال الأفراد بين الأحزاب بشكل مفرط.
كما أن وجود هوية أيديولوجية قوية يدفع الناخبين إلى رؤية الحزب ككيان موثوق وذو أهداف واضحة، ما يعزز من استقراره ودوره في النظام السياسي.
وتبقى الهوية السياسية المدعومة بأيديولوجيا قوية أحد العوامل الأساسية في تحقيق ثبات الحزب ووضوح التوجهات السياسية، وهو ما يمكن أن يكون عنصرًا حيويًا في النموذج السوري، حيث قد يساعد في تقليل تضارب المصالح والتداخلات في الانتماءات السياسية المتعددة.

2. الهيكلية التنظيمية للأحزاب وتأثيرها على الناخبين

يعد تعريف الحزب وهيكليته التنظيمية من الركائز الأساسية لفهم سلوك الناخبين ومدى استقرار النظام الحزبي، وذلك وفقًا لما تقدمه موسوعة أكسفورد في هذا المجال.
يعتمد نجاح الحزب في تعزيز ولاء أعضائه وجذب الناخبين على وضوح بنيته التنظيمية وقوة هيكلية القيادة داخله.
حيث يمكن أن يؤدي التنظيم الجيد إلى تعزيز الشفافية والاستقرار داخل الحزب، ويمنح الناخبين صورة واضحة عن هيكل القيادة وصلاحيات الأعضاء.

في الأنظمة الحزبية الراسخة، تُحدد القوانين التنظيمية مسار العضوية بوضوح، وتفرض أحيانًا قواعد تمنع الانتماء المزدوج لأكثر من حزب. ويعزز هذا من الانضباط الداخلي ويؤكد على التماسك الحزبي، ما ينعكس إيجابيًا على استقرار النظام السياسي بشكل عام.
عندما يدرك الناخبون أن الأحزاب ذات هيكل تنظيمي راسخ وقيادات واضحة، يتولد لديهم شعور بالثقة بأن الحزب يمثل صوتًا موحدًا لا تعتريه الخلافات الداخلية أو تضارب المصالح.
يعد وضوح التعريف الحزبي والمبادئ التنظيمية مهمًا بشكل خاص في بيئات سياسية مشابهة لسوريا، حيث يمكن أن يؤدي ضعف التنظيم وانعدام الشفافية في المكونات السياسية إلى خلق بيئة تتسم بالفوضى وتعدد الولاءات.

3. النماذج الدولية:

تجارب في تنظيم الانتماءات الحزبية والسياسية
توفر قاعدة بيانات المؤسسات السياسية التي يديرها البنك الدولي مجموعة من النماذج الدولية حول تنظيم الانتماءات الحزبية والسياسية، مما يساعد في فهم كيفية تعامل بعض الدول مع تحديات الانتماءات المتعددة.
في العديد من الأنظمة الديمقراطية، تُفرض قوانين محددة تهدف إلى منع العضوية المزدوجة أو تقييدها بشكل صارم، حيث تعتبر هذه القوانين وسيلة للحد من تضارب المصالح وتعزيز الاستقرار السياسي.

على سبيل المثال، في دول مثل ألمانيا و السويد، تفرض القوانين على الأعضاء الحزبيين الالتزام بعضوية حزب واحد فقط، مع تحديد آليات واضحة للمحاسبة والانضباط الداخلي داخل الحزب.
وفي النظام الأمريكي، يُحظر على الأفراد الترشح باسم أكثر من حزب في نفس الانتخابات، وذلك بهدف منع التشتيت وحماية الوحدة التنظيمية داخل الأحزاب.

في دول أخرى كالهند والبرازيل، التي تواجه تحديات ديمقراطية فريدة، تُشدد القوانين على أهمية الشفافية المالية والسياسية للأحزاب، حيث يُطلب من الأحزاب الكشف عن مصادر التمويل وإيضاح الانتماءات لتجنب تضارب المصالح.
بينما تركز دول مثل المملكة المتحدة و أستراليا على هيكل القيادة الواضح والإجراءات الانتخابية الداخلية، وهو ما يعزز من قوة القيادة الحزبية ويمكّن من مواجهة التحديات التي تطرأ على الحزب نتيجة الأزمات أو الانشقاقات.

تعكس هذه النماذج الدولية كيفية استخدام آليات تنظيمية متنوعة للحفاظ على استقرار النظام الحزبي ومنع الازدواجية.
وبالنسبة لسوريا، يمكن الاستفادة من هذه التجارب في وضع إطار ينظم العمل الحزبي والمؤسساتي، ويقلل من تضارب المصالح، ويعزز من الولاء التنظيمي، مما يسهم في إرساء قواعد سياسية أكثر استقرارًا وقدرة على مواجهة التحديات الفريدة التي تشهدها البلاد.


التحديات والإشكاليات

يواجه المشهد السياسي السوري مجموعة من التحديات والإشكاليات الناتجة عن ظاهرة الانتماء المتعدد للأفراد إلى كيانات سياسية مختلفة.
سواء من حيث تأثيره على الأفراد المنتمين أو على الكيانات نفسها، حيث يتسبب غياب التنظيم الدقيق لتعدد العضويات في تضارب المصالح، وضعف الهوية السياسية، والتأثير السلبي على الشفافية والفعالية.
فيما يلي عرض لأبرز التحديات المرتبطة بهذه الظاهرة:

 تضارب المصالح

 للأفراد: يؤدي انضمام الأفراد إلى أكثر من كيان سياسي إلى تضارب المصالح، حيث قد يتبنى كل كيان سياسات أو توجهات متباينة تجاه القضايا السياسية والوطنية، مما يعقد عملية اتخاذ القرار بالنسبة للعضو.
 يجد الأعضاء متعددو الانتماءات صعوبة في تبني موقف سياسي موحد أو الالتزام برؤية واضحة، حيث يتطلب كل كيان منهم الولاء الكامل لمبادئه، وهذا بدوره يجعل الأعضاء في حالة من التردد وعدم الاستقرار، مما يؤدي إلى إضعاف ولائهم لأي مكون بشكل محدد.

 للكيانات: تعاني الكيانات السياسية أيضًا من تضارب المصالح الناتج عن عضوية الأفراد في كيانات أخرى. 
إذ يضعف تعدد الانتماءات من الالتزام الداخلي لأعضاء الكيان، ويؤدي إلى تقويض قوته السياسية في اتخاذ مواقف واضحة ومؤثرة.
 فوجود أعضاء ملتزمين جزئيًا قد يعرقل استراتيجيات الكيان ويجعل اتخاذ القرارات الصارمة أو الجماعية أكثر تعقيدًا، حيث يحتفظ كل عضو بولاءات متعددة خارج إطار الكيان، مما ينعكس سلبًا على تأثيره في الساحة السياسية.

يمكن أن تظهر إشكالية تضارب المصالح بشكل أوضح في حال كانت الأجسام أو الكيانات التي ينتمي إليها الفرد تتبنى سياسات مختلفة تجاه القضايا الوطنية الرئيسية، مثل وحدة الأراضي السورية أو استقلال القرار السياسي او عملية التفاوض وبناء التحالفات.

 التشتت في الهوية السياسية

للأفراد: يمثل الانتماء المتعدد تحديًا للأفراد على مستوى الهوية السياسية ووضوحها، حيث يجدون صعوبة في بناء ولاء قوي ومتماسك لأيديولوجية محددة.
فبدلًا من الالتزام بقيم ومبادئ واضحة، تتشتت الهوية السياسية للأفراد مع تعدد الجهات التي ينتمون إليها، مما يعرضهم لحالة من التشويش في الرؤية الأيديولوجية، ويفقدهم القدرة على تمثيل مواقف ثابتة.
هذا التشتت يجعلهم في بعض الأحيان يظهرون بمواقف متعارضة، مما يقلل من مصداقيتهم الشخصية وقدرتهم على التأثير الفعلي في الساحة السياسية.

للكيانات: من ناحية الكيانات، يؤدي وجود أعضاء متعددي الانتماءات إلى ضعف الهوية السياسية الموحدة للكيان ككل، حيث يصعب على الكيانات بناء هوية واضحة تميزها عن غيرها عندما ينتمي أعضاؤها إلى جهات أخرى تحمل أيديولوجيات متباينة.

يؤثر هذا التشتت سلبًا على استقرار المشهد السياسي ككل، حيث تفقد الأجسام والكيانات القدرة على بناء قواعد جماهيرية ثابتة ومنتمية بقوة. 
ويعني ذلك أن الأفراد الذين يتنقلون بين كيانات مختلفة قد لا يكون لديهم ارتباط عميق بأي منها، مما يزيد من صعوبة تكوين كتل سياسية متماسكة.
كما يجعل هذا التشتت الأجسام والكيانات والأحزاب أكثر عرضة للانشقاقات والتحالفات غير المستقرة، ما يعمق حالة الفوضى داخل المشهد السياسي.

 التأثير على الشفافية والفعالية

يؤدي غياب تنظيم واضح للانتماءات المتعددة داخل المكونات أو الأجسام السياسية إلى تحديات كبيرة في مجال الشفافية والمساءلة. ففي الأنظمة الحزبية الواضحة، تتسم العضوية بالوضوح ويُعرف الأفراد بارتباطهم بأحزاب معينة، لكن في حالة الانتماء المتعدد،-كما في الحالة السورية الفريدة من نوعها- يصبح من الصعب مراقبة سلوكهم ومدى التزامهم بمبادئ كل كيان، حيث قد يمثل الأعضاء مصالح متضاربة بين المكونات المتعددة التي ينتمون إليها.

 ويؤدي هذا التداخل إلى تعقيد آليات المساءلة داخل الكيانات السياسية -إن وجدت-، حيث يصبح من الصعب تحديد الأدوار الفردية ومحاسبة الأعضاء بشكل عادل على قراراتهم وأفعالهم في مختلف الأجسام.

كما يضعف هذا الغياب الرقابي فعالية الكيانات السياسية، حيث تفقد القدرة على التحقق من مدى الالتزام بسياساتها وتوجهاتها، ويؤدي ذلك إلى تباين مواقف الأعضاء وصعوبة تبني مواقف جماعية واضحة حول القضايا الوطنية.

هذه التحديات تجعل بناء بيئة سياسية شفافة وفعالة أمرًا بالغ الصعوبة، وتعكس حاجة ملحة إلى تنظيم أطر الانتماءات داخل الأجسام السياسية في سوريا، وذلك للحد من تعدد الولاءات وتعزيز الشفافية، مما سيسهم في بناء بيئة سياسية مستقرة وفعالة، ويدعم قدرات الكيانات والأفراد على السواء في تحقيق أهدافهم المشتركة.


تحليل البيانات الكمية

تهدف هذه الفقرة إلى تحليل البيانات الكمية التي تم جمعها من استطلاع رأي شمل مجموعة من السياسيين والأكاديميين والنشطاء، وقد وُزع هذا الاستطلاع، كما ذكر في منهجية البحث، عبر عدة مجموعات واتساب متنوعة قدرت ما بين 7 إلى 9 مجموعات مختلفة، وشملت سياسيين وأكاديميين وناشطين وإعلاميين وعاملين في الشأن العام.
بلغت نسبة تجاوب المشاركين حوالي 70% في بعض الأسئلة، ويُقدر عدد المشاركين الذين استجابوا بحوالي 450 شخصًا.
جاءت الأسئلة مصممة بعناية وتم نشرها بشكل متفاوت بين المجموعات لتلائم التخصصات المختلفة المتواجدة في كل مجموعة.

الانتماء المتعدد للأفراد وتأثيره على الولاء السياسي

يبحث هذا الجزء في آراء المشاركين حول فكرة السماح للأفراد بالانتماء لأكثر من كيان أو جسم سياسي في الوقت نفسه، خاصة فيما يتعلق بالتحديات التي قد تنشأ من تعدد الانتماءات، مثل ازدواجية الولاء وتضارب المصالح.
 السؤال المطروح في الاستطلاع، كما يظهر في الرسم البياني، يوضح مستوى القبول أو الرفض لهذه الظاهرة ضمن السياق السياسي الحالي.

حيث جاءت النتائج كالتالي:

 السماح بالعضوية المتعددة بدون قيود لتعزيز الحرية السياسية:
9.01% من المشاركين أيدوا هذا الخيار، معتبرين أن حرية الانتماء دون قيود تتيح للأفراد مساحة أكبر للتعبير عن آرائهم والمشاركة السياسية.

السماح بالعضوية المتعددة مع قيود لمنع تضارب المصالح:
حصل هذا الخيار على 37.84% من الآراء، مما يعكس قبولًا مشروطًا بفكرة العضوية المتعددة، بشرط أن تتضمن قيودًا واضحة تضمن عدم حدوث تضارب في المصالح وتساهم في تعزيز الشفافية.

منع العضوية المتعددة لضمان الشفافية وتجنب تضارب المصالح:
أظهر هذا الخيار أكبر نسبة تأييد بين المشاركين بنسبة 42.34%، مما يدل على توجه قوي نحو الحفاظ على الولاء الموحد وتجنب التعارضات الداخلية بين الكيانات السياسية، لضمان العمل الجماعي المنسجم.

السماح يعتمد على السياق السياسي والأنظمة الداخلية لكل مكون أو حزب:
2.70% من المشاركين رأوا أن القرار حول العضوية المتعددة يجب أن يتحدد وفقًا للسياق السياسي والأنظمة الداخلية لكل كيان على حدة، معتبرين أن هذا التحديد المرن قد يكون الحل الأمثل.

لا يوجد رأي محدد، بحاجة لمزيد من النقاش والبحث:
عبّر 8.11% من المشاركين عن عدم قدرتهم على تحديد رأي واضح، مما يشير إلى أن هذه القضية لا تزال تحتاج إلى مزيد من التوضيح والمناقشة.

تشير هذه النتائج إلى تباين واضح في وجهات النظر حول مسألة الانتماءات المتعددة، حيث يميل معظم المشاركين إما إلى منع العضوية المتعددة نهائيًا أو تقييدها بحدود صارمة.
تعكس هذه الآراء إدراكًا للتحديات التي يمكن أن تنشأ عن الانتماءات المتعددة، سواءً فيما يتعلق بتضارب المصالح أو ضعف الشفافية.


الدوافع الأساسية وراء تعدد الانتماءات السياسية

يهدف هذا القسم إلى فهم الدوافع الأساسية التي تدفع السياسيين للانخراط في أكثر من كيان سياسي في آنٍ واحد.
تُظهر الخيارات المتاحة كيف يمكن أن تكون هذه المشاركة المتعددة ناتجة عن أهداف متنوعة، كالسعي لتحقيق طموحات شخصية، أو الرغبة في توسيع النفوذ، أو البحث عن بدائل سياسية أكثر استقرارًا في ظل بيئة سياسية غير مستقرة كما هي الحال في سوريا.
وقد تم السماح للمشاركين في الإستطلاع باختيار أكثر من خيار للتعبير عن أولوياتهم المختلفة، مما يعني أن مجموع النسب قد يتجاوز 100%.
وبالتالي، فإن النتائج توضح الاتجاهات الأبرز والأسباب ذات الأولوية لدى المشاركين، والتي جاءت كالتالي:

 

ما هي الأسباب الرئيسية التي تدفع السياسيين للمشاركة في أكثر من مكون أو جسم سياسي في نفس الوقت؟
يعرض هذا الرسم النسب المئوية للمشاركين الذين اختاروا كل سبب من إجمالي العينة. وقد تم السماح باختيار أكثر من سبب، مما يعني أن مجموع النسب قد يتجاوز 100%.


ضمان مكان في أحد المكونات في حال نجاحه في تحقيق أهدافه:

هذا الخيار حصل على النسبة الأعلى بنسبة 49.4%، مما يشير إلى أن السياسيين غالبًا ما يفضلون تنويع انتماءاتهم لضمان تواجدهم في مكونات ناجحة، إذ يُنظر إلى الانخراط المتعدد كاستراتيجية لحماية المصالح الشخصية وتعزيز البقاء السياسي.

السعي وراء طموحات شخصية عبر تبوء مناصب قيادية في أكثر من مكون:
بنسبة 35.4%، يعكس هذا الخيار الطموح الفردي، حيث يرى البعض أن الانتماء المتعدد يمنح فرصة أكبر لتحقيق أهداف قيادية ضمن الكيانات السياسية المختلفة.

توسيع فرص التأثير والوصول عبر المشاركة في مكونات سياسية متعددة:
أيد هذا الخيار 32.9% من المشاركين، معتبرين أن تعدد الانتماءات يمنح السياسيين فرصًا أوسع للوصول والتأثير على قضايا سياسية مهمة، ويزيد من نفوذهم.

تنويع التحالفات لتعزيز الفرص السياسية نظرًا لغياب الولاء الأيديولوجي الصارم:
11.4% من المشاركين يرون أن انعدام الولاء الأيديولوجي القوي في الحالة السورية يتيح للأفراد التحالف بحرية أكبر، مما يعزز من فرص النجاح السياسي عبر التحالفات المتعددة.

عدم الرضا عن السياسات الحالية للمكون السياسي والبحث عن بدائل فعالة:
بنسبة 10.1%، يشير هذا الخيار إلى أن بعض الأفراد يتجهون للانتماء إلى كيانات أخرى كوسيلة للبحث عن حلول وبدائل أكثر فعالية للتعامل مع القضايا السياسية الراهنة.

ضمان استمرار الدعم الشعبي أو الجماهيري من خلال الانتماء لأجسام سياسية متعددة:
حصل هذا الخيار على النسبة الأقل بنسبة 2.5%، مما يدل على أن الدعم الجماهيري قد لا يكون من العوامل الأساسية التي تدفع السياسيين إلى الانضمام لأكثر من كيان.

توضح هذه النتائج أن غالبية المشاركين يرون في تعدد الانتماءات وسيلة لضمان البقاء السياسي وتحقيق الطموحات الشخصية، سواءً عبر التحالفات المتعددة أو تبوء المناصب القيادية.


تأثير التحالفات المتعددة على البيئة السياسية السورية

يناقش هذا الجزء مسألة انضمام الكيانات السياسية والمدنية لتحالفات واتحادات مختلفة، مع التركيز على ما إذا كان هذا التوجه يعد خطوة إيجابية تدعم التعددية، أم أنه يؤدي إلى تضارب في المصالح.
السؤال المطروح يعكس وجهات نظر المشاركين حول جدوى هذه التحالفات المتعددة وتأثيرها على الاستقرار السياسي.
وظهرت النتائج على النحو التالي:


صحي إذا تم إدارته بشكل استراتيجي:
حصل هذا الخيار على النسبة الأعلى (65.9%)، مما يشير إلى أن غالبية المشاركين يرون في التحالفات المتعددة أمرًا إيجابيًا، شريطة أن تخضع لإدارة استراتيجية تضمن التوافق بين المكونات وتقلل من المخاطر المحتملة.

سيواجه تحدي الانضمام لتحالفات متعددة بمواقف متباينة:
بنسبة 12.1%، يعكس هذا الخيار إدراك المشاركين لصعوبة التوفيق بين التحالفات المختلفة، إذ قد تؤدي التباينات إلى خلافات أو تحديات في اتخاذ القرارات الموحدة.

يخلق تضاربًا في الولاءات ويقلل من الشفافية:
أيد هذا الرأي 8.8% من المشاركين، حيث يرون أن تعدد التحالفات قد يؤدي إلى تضارب في ولاءات الأعضاء، مما يؤثر سلبًا على الشفافية ويحد من فعالية هذه التحالفات.

صحي ويعزز التعددية:
بنسبة 6.6%، يعبر هذا الخيار عن رؤية تفاؤلية بأن تعدد التحالفات يعزز التعددية السياسية ويضفي طابعًا إيجابيًا على المشهد السياسي، على الرغم من كونه رأيًا محدود الانتشار مقارنة بالخيار الأعلى.

غير صحي ويخلق تضاربًا في المصالح:
بنسبة 4.4%، يعبر عن القلق من أن تعدد التحالفات قد يعرقل العمل السياسي ويؤدي إلى تضارب المصالح، وهو رأي يشير إلى تخوفات من أن الانضمام إلى تحالفات متعددة قد يضر بالمكونات الفردية.

يعزز الفعالية في مجالات متباعدة بدون تضارب (السياسية والمدنية):
حصل هذا الرأي على نسبة 2.2% فقط، مما يشير إلى محدودية تأييد فكرة أن التحالفات المتعددة قد تزيد من فعالية العمل السياسي والمدني دون خلق تضارب.

غير صحي إذا أعاق التوافق والعمل الموحد:
لم يحصل هذا الخيار على أي تأييد (0%)، مما يعكس إيمان المشاركين بأهمية التوافق بين التحالفات، على اعتبار أن أي تحالف قد يؤدي إلى تعقيد التوافق العام غير مرغوب فيه.

تشير هذه النتائج إلى أن غالبية المشاركين يؤيدون فكرة التحالفات المتعددة، بشرط إدارتها استراتيجيًا لتحقيق الاستقرار والتماسك، مع تخوف البعض من أن التحالفات المتعددة قد تؤدي إلى تضارب في الولاءات وتؤثر سلبًا على الشفافية.


التعامل مع تحديات الحضور المزدوج للسياسيين في المؤتمرات

في هذه الفقرة، يستعرض السؤال كيفية تعامل السياسيين وقادة الكيانات مع تحديات الحضور المزدوج في المؤتمرات، سواء بصفتهم ممثلين رسميين لكياناتهم أو بصفة شخصية مستقلة. يهدف هذا السؤال إلى استكشاف السبل الأمثل لتحقيق توازن بين الالتزامات الرسمية ومساحة التمثيل الشخصي.
وقد طُرحت الإجابة على هذا السؤال بصيغة خيار من متعدد، مما أتاح للمشاركين إمكانية اختيار أكثر من إجابة تعكس تفضيلاتهم المتنوعة. ولهذا السبب، تجاوز مجموع النسب 100%، وهو أمر طبيعي يعكس تعدد اختيارات المشاركين. وقد جاءت الردود كما يلي:

 

التعامل مع تحديات الحضور المزدوج للسياسيين في المؤتمرات
يعرض هذا الرسم النسب المئوية للمشاركين الذين اختاروا كل سبب من إجمالي العينة. وقد تم السماح باختيار أكثر من سبب، مما يعني أن مجموع النسب قد يتجاوز 100%.

السماح بالحضور الشخصي للأعضاء العاديين غير القياديين:
حصل هذا الخيار على أعلى نسبة تأييد (37.7%)، مما يعكس رغبة قوية في السماح للأعضاء العاديين بالحضور الشخصي في المؤتمرات دون أن يترتب على ذلك أي تبعات رسمية، بما يمنحهم المرونة دون التأثير على مواقف الكيانات التي ينتمون إليها.

الإفصاح الإلزامي عن الصفة مع تطبيق قواعد صارمة للحضور:
بنسبة 31.1%، أيد المشاركون هذا الخيار، مشيرين إلى ضرورة فرض الإفصاح الإلزامي عن الصفة التي يحضر بها العضو، سواء كانت شخصية أو تمثيلية، وتطبيق قواعد تنظيمية صارمة لضمان الوضوح في التمثيل ومنع حدوث أي لبس.

الفصل التام بين الأدوار الشخصية والرسمية مع العمل بشفافية:
بنسبة 23.0%، يعكس هذا الخيار رغبة المشاركين في الفصل الكامل بين الدور الرسمي والشخصي للسياسيين والأعضاء، مع الالتزام بالشفافية، ما يشير إلى حرص على الحد من تداخل الأدوار وحماية التمثيل الرسمي للكيانات.

منع الحضور الشخصي لقيادات المكونات:
بنسبة 16.4%، يدعم بعض المشاركين فكرة منع الحضور الشخصي لقيادات الكيانات مثل الأمانة العامة ومدراء المكاتب، لضمان ألا تتعارض مواقفهم الشخصية مع التزاماتهم الرسمية تجاه كياناتهم.

 الإبلاغ الإلزامي لقيادات المكونات قبل المشاركة:
بنسبة 14.8%، يؤيد المشاركون هنا إلزامية الإبلاغ قبل المشاركة، سواء للحضور بصفة شخصية أو رسمية، لضمان التنسيق الداخلي وتجنب أي تعارض في المواقف.

حرية وحق الحضور الشخصي دون قيود:
بنسبة 8.2%، يشير هذا الخيار إلى وجود قلة من المشاركين الذين يؤيدون الحق في الحضور الشخصي للجميع دون أي قيود، وهو ما يعكس توجهًا نحو الليبرالية في التمثيل الشخصي.


تحديد ممثلين رسميين فقط مع عقوبات للمخالفين:
بنسبة 6.6%، يظهر هذا الخيار توجهاً نحو وضع قواعد تنظيمية حازمة من خلال تحديد ممثلين رسميين ومنع الحضور الشخصي، مع فرض عقوبات على من يخالف تلك القواعد.

تشير هذه النتائج إلى تفضيل الأغلبية لمنح الأعضاء العاديين حرية الحضور الشخصي، بينما يتم التعامل مع القيادات بجدية أكبر لضمان عدم حدوث تضارب في المواقف.


يعكس هذا المزيج من الآراء رغبة في تحقيق توازن بين الحريات الشخصية والالتزامات الرسمية، مع تأكيد على أهمية الشفافية والتنظيم للحفاظ على مصداقية التمثيل السياسي.


تأثير تعدد الانتماءات على مصداقية العمل السياسي وصورته العامة

يستهدف هذا القسم آراء الإعلاميين والصحفيين والنشطاء في الشأن العام، الذين قد يرون العمل السياسي من زاوية مختلفة بعيداً عن التفاصيل الداخلية للكيانات.
وطرح السؤال للنظر في مدى تأثير تعدد الانتماءات للأفراد بين الكيانات والتحالفات المختلفة على مصداقية العمل السياسي وصورته أمام الرأي العام.
ويتناول السؤال المطروح كيفية إدراك هذه الفئة لظاهرة الانتماءات المتعددة وانعكاسها على صورة العمل السياسي السوري محليًا ودوليًا.

وقد أظهرت النتائج تبايناً ملحوظاً في الآراء حول تأثير هذا التشتت:

 يؤدي إلى تشتت الرؤية السياسية ويضعف مصداقية الأفراد والكيانات:
حصل هذا الخيار على النسبة الأعلى بنسبة 52.27%، مما يعكس رؤية واضحة لدى الإعلاميين والنشطاء بأن تعدد الانتماءات يسهم في ضعف مصداقية الكيانات السياسية. يظهر هذا التشتت كعامل يُضعف وضوح الرسالة السياسية ويزيد من صعوبة تقديم صورة متماسكة للرأي العام، ما يعمق حالة الشكوك حول جدية الأجسام السياسية في تحقيق أهدافها.

يزيد من حالة عدم الثقة لدى الجمهور بسبب تضارب المصالح والأهداف:
بنسبة 22.73%، حيث يرى عدد كبير من المشاركين أن تداخل الانتماءات يسهم في تضارب المصالح بين الأفراد والكيانات، مما يؤدي إلى فقدان الثقة بين الجمهور والكيانات السياسية. ويعكس هذا الخيار القلق من أن تعدد الانتماءات قد يؤدي إلى إضعاف الانطباع العام حول استقرار وثبات الأجسام السياسية.

يعزز صورة التعددية السياسية ويظهر مرونة في الطروحات:
أيد 15.91% من المشاركين هذا الخيار، معتبرين أن تعدد الانتماءات قد يكون إيجابياً ويعكس مرونة في الطروحات السياسية وتنوع الآراء. يظهر هذا الرأي اعتقاد البعض بأن البيئة السياسية السورية قد تستفيد من التعددية التي تتيح طرح أفكار مختلفة واستقطاب شريحة أوسع من الجمهور.

يعكس تنوع الآراء ويقدم صورة إيجابية عن تعددية الأطراف:
حصل هذا الخيار على تأييد بنسبة 4.55% فقط، مما يشير إلى أن قلة من المشاركين يرون أن تعدد الانتماءات يمكن أن يقدم صورة إيجابية عن تعددية الأطراف.

ليس له تأثير واضح على الصورة العامة للوضع السياسي السوري:
حصل هذا الرأي أيضًا على نسبة ضئيلة (4.54%)، مما يعكس اعتقاد البعض بأن تعدد الانتماءات لا يؤثر بشكل ملموس على الصورة العامة للوضع السياسي، وربما يندرج هذا الاعتقاد ضمن تصور أن الأوضاع السياسية غير مستقرة بالأساس.

تشير هذه النتائج إلى أن معظم المشاركين يرون في تعدد الانتماءات عاملاً سلبيًا يؤثر على مصداقية الكيانات السياسية أمام الجمهور المحلي والدولي، بينما يرى قلة منهم أن هذه التعددية قد تحمل جوانب إيجابية تعكس مرونة وتنوعًا سياسيًا.


تحليل مقابلات الخبراء والمختصين حول التنظيم السياسي وتحديات الانتماءات المتعددة

استنادًا إلى مقابلات أجريت مع نخبة من المختصين، بمن فيهم سياسيون، أكاديميون، ومحامون، تم توجيه سلسلة من الأسئلة التي تركز على تحديات وآفاق تنظيم العمل السياسي في سوريا.
تهدف هذه المقابلات إلى تقديم نظرة معمقة حول العوائق التي تواجهها الكيانات السياسية والسبل المقترحة لتطوير أدائها في ظل غياب القوانين الناظمة وضعف البنى المؤسسية.
وقد شملت الأسئلة موضوعات رئيسية متعلقة بتعدد الانتماءات، وأسس الحوكمة، وإشكاليات العمل التطوعي، وتحديات الولاء التنظيمي.

وسيتم الإشارة إلى هؤلاء المشاركين في الدراسة بـ”الخبراء“، وذلك اختصارًا لتعدد مجالاتهم وتخصصاتهم المتنوعة التي ساهمت في إثراء التحليل وتقديم رؤى شاملة حول هذه الإشكاليات.
وتشكل النقاط التالية تحليلًا للآراء التي تم جمعها، مركزةً على أبرز الإشكاليات، 
نقاط الاتفاق والخلاف، والاستراتيجيات المقترحة لضمان عمل سياسي منظم ومستدام.

 

1.التحديات الأساسية في تنظيم الكيانات السياسية السورية


أوضح الخبراء أن الأزمة التي تواجه تنظيم العمل السياسي في سوريا تتعلق بضعف البنية الحزبية والقدرة التنظيمية، وغياب استقرار واضح ناتج عن عدم وجود قوانين ناظمة للأحزاب والكيانات والاجسام السياسية، وتعددية غير موجهة.
ويرجع الخبراء هذا الواقع، الى سنوات من القمع السياسي وانعدام التجربة الحزبية والسياسية بشكل عام، مما خلق واقعًا سياسيًا متضاربًا وأدى إلى بروز كيانات صغيرة ضعيفة تنظيميًا ومحدودة التأثير.
ويرى الخبراء أن إصلاح هذه البنية يتطلب إعادة بناء الكيانات وفق مبادئ تشجع على الالتزام الجمعي والوعي الثقافي والسياسي، على أن تكون أهدافها واضحة ومتماشية مع مبادئ الحرية والديمقراطية والسيادة.
يعتبرون أيضًا أن أي تنظيم سياسي فعال يجب أن يتأسس على معايير تجعل من حقوق الأفراد وكرامتهم أسسًا أولية، وتؤكد على العمل الموجّه لخدمة المصالح الوطنية.

2. الانضمام لأكثر من كيان سياسي وتأثيره على الاستقرار

اتفق الخبراء على أن انضمام الأفراد لأكثر من كيان سياسي يخلق تعقيدًا ويزيد من صعوبة الحفاظ على ولاء واضح ومستقر.
 فأحد الآراء يشير إلى أن العمل السياسي في سوريا لا يدار في بيئة صحية، ما يؤدي إلى انخفاض مستوى الولاء للأعضاء داخل الكيانات. 
كما أشاروا إلى أن انعدام الضوابط القانونية والتنظيمية يؤدي إلى عدم اكتمال البنى التنظيمية للكيانات، ويضعف من تأثيرها في الشأن العام ويحد من فعاليتها.
 يُعد تضارب الأهداف والمصالح بين الكيانات المختلفة مشكلة كبرى، خاصة عندما لا يكون هناك التزام بمعايير أخلاقية وتنظيمية واضحة.

3. إدارة التضارب الناتج عن الانتماءات المتعددة


اقترح الخبراء حلولاً عملية لإدارة التضارب الناشئ عن الانتماءات المتعددة، تشمل الالتزام الطوعي والاخلاقي بالانتماء لكيان سياسي واحد أو الامتناع عن التحالف مع كيانات متناقضة.
يؤكد بعضهم أن فرض القوانين قد لا يكون فعّالًا في ظل الظروف الحالية، لكن البوصلة الأخلاقية والمهنية بالاضافة الى الالتزام الطوعي قد يساعد على حماية الكيانات من تضارب المصالح وتقوية بنيتها الداخلية. ويقترح بعض الخبراء أن الالتزام بالقيم العامة التي تجمع بين الأعضاء، والتأكيد على معايير مشتركة، يمكن أن يساعد في تماسك الكيانات مع توفير استقلالية للأعضاء العاديين.

4. ازدواجيّة الحضور في المؤتمرات وتحديات الالتزام

تُعد ازدواجية الحضور في المؤتمرات مسألةً معقدةً تثير أبعادًا إيجابية وسلبية على حد سواء. فمن جهة، يرى الخبراء أن حضور الأعضاء لمؤتمرات خارجية بصفتهم الشخصية قد يعزز من حريتهم 
إذ توفر هذه المشاركة دعاية إعلامية وفرصًا للتواصل وبناء شبكات علاقات جديدة قد تدعم رؤية الكيان أو التحالف وتساعده في الحصول على دعم مجتمعي وسياسي وفرصة تعريف أكبر بالرأي العام، ومن جهة أخرى، تُثار مخاوف حول التزام الأعضاء بمواقف كياناتهم، خاصةً إذا كانت المؤتمرات التي يحضرونها قد تتعارض مع التوجهات الأساسية لكياناتهم أو تحالفاتهم، مما يؤدي إلى تشويش الرؤية السياسية وخلق تساؤلات حول ولائهم وانتمائهم الفعلي.

ولذلك، يقترح بعض الخبراء وضع قواعد تنظيمية واضحة تتيح للأعضاء، وخاصة من خارج المناصب القيادية، حضور الفعاليات الخارجية بصفة ضيوف أو مراقبين فقط، وليس بصفة رسمية تمثيلية. 



يسهم هذا التقييد في الحفاظ على التماسك التنظيمي ويعزز الشفافية، حيث يُطلب من القيادة والمكاتب السيادية،مثل المكتب التحكيمي والرقابي والاستشاري، وأعضاء الأمانة العامة تحديدًا، عدم المشاركة في الفعاليات التي قد تتداخل مع توجهات التحالفات أو تؤدي إلى تعارض في المواقف. 
ويساعد هذا التنظيم في توضيح الحدود بين الحضور الشخصي والمواقف الرسمية، مما يخفف من حدة أي تضارب محتمل ويضمن الحفاظ على صورة الكيان أمام الرأي العام.

وعلى صعيد آخر، يرى بعض الخبراء أن مشاركة الأعضاء العاديين في الفعاليات الخارجية قد يكون لها مزايا تتعلق بالتعلم السياسي وتطوير المهارات العملية في التفاوض والعلاقات العامة، ما يعزز دعم المكون مستقبليًا ويزيد من تأثيره.


وهكذا، تتطلب مسألة ازدواجية الحضور توازنًا دقيقًا بين دعم التفاعل الخارجي من ناحية، والحفاظ على التزام الأعضاء بسياسات الكيان من ناحية أخرى، لتحقيق انضباط تنظيمي ووضوح في المواقف المتبناة.

5. الاستراتيجيات المقترحة لبناء سياسة مستقبلية فعالة

يشير الخبراء إلى أن ضمان فعالية الكيانات السياسية السورية المعارضة واستقرارها يتطلب تبني استراتيجيات مدروسة وواقعية، حيث يأتي في مقدمة هذه الاستراتيجيات اعتماد التمويل غير المشروط، والذي يُعتبر أساساً لتحقيق الاستقلالية السياسية بعيداً عن الأجندات الخارجية، ويتيح لها تبني رؤى تتماشى مع احتياجات الشارع السوري وقضاياه العاجلة.

لتعزيز الشفافية والفعالية، يُوصى بتطبيق أسس الحوكمة الحديثة التي تعتمد على ممارسات واضحة في الشفافية والمساءلة، وتشمل تفعيل نظام مساءلة دقيق يُمكّن الأعضاء والقيادات من مراجعة أدائهم وضمان الالتزام بتوجهات الكيان وأهدافه المعلنة.
يرى البعض أن هذه الاستراتيجيات لن تكتمل دون تعزيز العمل التشاركي، بحيث تُصبح صناعة القرار عملية مشتركة بين القيادة والأعضاء، الأمر الذي يعزز الثقة الداخلية ويقوي العلاقات التنظيمية.

كما يبرز هنا الابتعاد عن الخطاب الشعبوي كاستراتيجية حيوية تساهم في بناء مصداقية لدى الجمهور، إذ يشدد الخبراء على أن الخطاب الواقعي الموجه نحو معالجة احتياجات الناس بأسلوب موضوعي يعكس اهتماماً حقيقياً بتطلعات الشارع السوري، ما يساعد الكيانات على بناء صورة قوية تعتمد على الإنجازات الفعلية لا الشعارات.

إضافة إلى ذلك، يشدد البعض على أهمية الاستثمار في بناء برامج تدريبية وتطويرية للأعضاء والقيادات، بهدف رفع مستوى الوعي السياسي وتنمية المهارات القيادية، وهو ما يسهم في بناء كيان قادر على التفاعل بكفاءة مع التغيرات السياسية، واتخاذ قرارات تتسم بالمرونة والإبداع.
هذه البرامج يمكن أن تشمل التدريب على التواصل السياسي والإعلامي، وإدارة الأزمات، ما يجعل أعضاء الكيانات أكثر استعداداً لمواجهة تحديات العمل السياسي المعقد.

يؤكد الخبراء أيضاً على أن وضع رؤية سياسية طويلة الأمد تستند إلى مقاربات تنموية، يسهم في تحويل الكيانات إلى قوى مؤثرة تسعى لتحقيق التغيير المستدام في المجتمع السوري.
رؤية سياسية كهذه، تقوم على مشاريع ذات أهداف قابلة للتنفيذ، ستعمل على تأمين قاعدة شعبية واسعة تدعم الكيانات في مساعيها نحو بناء سوريا تعددية ومستقلة.







6. التحديات التنظيمية وسبل تجاوزها

يُجمع الخبراء على أن التحديات التنظيمية الرئيسية التي تواجه الكيانات السياسية السورية تتجسد في قلة الكوادر المؤهلة، وضعف الالتزام بالنصوص التنظيمية، وصعوبة تحقيق الاستقرار الوظيفي داخل هذه الكيانات بسبب طبيعة العمل التطوعي. كما تعاني العديد من الكيانات من غياب التشريعات الناظمة وعدم وجود قوانين واضحة تضع حدودًا وصلاحيات، مما يعيق الانسجام التنظيمي ويزيد من فرص التضارب.

من خلال تجربتهم العملية، يشير الخبراء إلى ضرورة تبني نهج استراتيجي في صياغة القوانين الناظمة للعمل السياسي، بحيث يتم الاستعانة بأهل الخبرة، مثل خبراء التخطيط الاستراتيجي وشركات استشارية متخصصة، لضمان جودة النصوص وملاءمتها للبيئة السياسية المعقدة في سوريا.
 ويرون أن إقرار مبدأ التعويض المادي يشكل ركيزة أساسية لتشجيع الأعضاء على العمل المنظم والالتزام به، حيث أن الاعتماد على العمل التطوعي فقط يُضعف من التزام الأعضاء ويحدّ من قدرتهم على الاستمرارية.

كما يؤكد الخبراء على أهمية تطبيق القوانين الداخلية بصرامة، مع التركيز على توثيق جميع الاتفاقات والمخرجات بين الكيانات المتحالفة، بهدف تقليل فرص التضارب وتجنب الخلافات التي قد تؤدي إلى تشتت الأهداف.
 ويعتبر التواصل المستمر، سواء عبر الاجتماعات الافتراضية أو اللقاءات الفيزيائية، أداة حيوية لتوضيح نقاط الاختلاف وتثبيت المصالح المشتركة.

ولتعزيز التعاون بين الكيانات المتحالفة، يشير الخبراء إلى ضرورة إرساء مبدأ المساواة بين الأعضاء (أفراد او كيانات) فيما يتعلق بالالتزام والعمل.
ويدعون إلى تطبيق مبدأ “من يعمل يُكافأ”، لضمان عدم المساواة بين الأعضاء العاملين والمجتهدين وبين أولئك الذين لا يساهمون بفعالية.

من جانب آخر، يعتبر الخبراء أن تحديد وتثبيت الهوية السياسية لأي كيان بشكل واضح يعدّ أمرًا أساسيًا لتفادي التضارب. 
وينبغي إعلان هذه الهوية بوضوح والعمل على تفعيلها من خلال الالتزام الحازم بالقوانين والقيم المشتركة بين الأعضاء.

الخلاصة

تشير المقابلات التي أجريت مع نخبة من المختصين، بمن فيهم سياسيون، أكاديميون، ومحامون، وعاملون في الشأن العام، إلى ضرورة إرساء أطر تنظيمية قوية للكيانات السياسية السورية، ترتكز على الشفافية والتماسك والالتزام، مع اعتماد مبدأ “من يعمل يُكافأ” والحد من الاعتماد على العمل التطوعي، لضمان استقرار الكوادر وتفعيل التنظيم الداخلي.

من شأن هذه الإصلاحات أن تعزز فعالية الكيانات والأجسام ومصداقيتها، ويعزز الانضباط ويوفر مقومات النجاح الثلاثة: الكادر البشري المؤهل، التنظيم الفعّال، و الدعم المالي المستقر، وتزيد من قدرتها على تحقيق أهدافها بفاعلية،وتحقيق استدامة واستقرار في العمل السياسي مما يكسبها ثقة أكبر لدى الرأي العام المحلي والدولي.


أهمية الانتقال من العمل التطوعي إلى العمل المأجور في الكيانات السياسية

يشير أحد المحاميين والسياسيين الذين طرحت عليهم اسئلتنا 
إلى ضرورة الانتقال من العمل التطوعي إلى العمل المأجور في مجال السياسة كخطوة هامة لضمان كفاءات متفرغة وقادرة على تقديم عمل سياسي مؤثر ومهني.
وفي سياق الساحة السورية، تبرز هذه الحاجة بشكل خاص نتيجة اعتماد الكيانات السياسية على كوادر تطوعية، نظرًا لضعف التمويل وغياب الدعم المستقر، مما ينعكس سلبًا على فعالية هذه الكيانات وقدرتها على إدارة العمل السياسي بشكل مستمر ومتوازن.

يطرح هذا الانتقال قضية جوهرية؛ حيث يُعد العمل السياسي جهدًا طويل الأمد، يتطلب التركيز والتفرغ الكامل لمعالجة القضايا الاستراتيجية، وبدون وجود كفاءات متفرغة، تتأثر القرارات والبرامج السياسية ويضعف الأداء التنظيمي للأجسام السياسية.

ويرى هذا الخبير أن الاعتماد على الكوادر المتطوعة يضع قيودًا على مدى التزام الأعضاء، حيث يجد العاملون في الشأن العام أنفسهم مرهقين بين أدوارهم التطوعية ومسؤولياتهم المهنية في مجالات أخرى، كالطب، أو التجارة، أو التعليم، الأمر الذي يُضعف قدرتهم على المساهمة الجادة في بناء سياسات مستدامة.

ومن الناحية العملية، تشهد بعض التجارب العالمية تحولًا ناجحًا من العمل التطوعي إلى المأجور في الأجسام السياسية.
فعلى سبيل المثال، اعتمدت العديد من المنظمات السياسية والمدنية الدولية على التمويل الذاتي المدعوم من اشتراكات الأعضاء أو التبرعات الخاصة غير المشروطة، مما أتاح لها تخصيص موارد لتمويل أنشطتها وتأمين كوادر متفرغة.
ويظهر مثال الحزب الاشتراكي الديمقراطي في ألمانيا في بداية نشأته كحزب عمالي قائم على العمل التطوعي، لكنه لاحقًا نجح في تنظيم هيكله المالي ليوفر دخلًا ثابتًا لأعضائه العاملين، مما عزز من كفاءته ومكانته في الساحة السياسية الألمانية.

كما يُعتبر النموذج الاسكندنافي مثالًا آخر على نجاح تحويل العمل السياسي من تطوعي إلى مؤسساتي، حيث تتلقى الأحزاب الدعم المالي من الدولة كجزء من نظام الديمقراطية التشاركية، الذي يتيح للكوادر السياسية التفرغ الكامل لأدوارهم.

وقد أدت هذه السياسة إلى خلق بيئة عمل سياسي احترافي ومستدام، مكّن الكيانات من توظيف كوادر كفوءة والالتزام برؤية طويلة المدى في خدمة المجتمع.

من هنا، فإن تأمين التمويل الكافي وتحقيق الاستقلال المالي يمثلان خطوات هامة للأجسام السياسية السورية، خاصة في ظل واقع متقلب يفرض عليها ضرورة التفرغ الكامل لبناء سياسات فعّالة تعكس تطلعات الشعب.


يتطلب تحقيق هذا الهدف وجود إطار مالي منظم يعتمد على اشتراكات الأعضاء أو التبرعات غير المشروطة، إلى جانب توفير فرص تمويل ذاتي من خلال مشاريع إنتاجية.


تحليل المقابلات حول علاقة الإعلام بالكيانات السياسية السورية وتأثير تشتت الجمهور السوري

في هذا القسم، تم التركيز على تحليل مقابلات أجريت مع مجموعة من الصحفيين والخبراء الإعلاميين العاملين في قنوات ووسائل إعلامية بارزة، وتهدف هذه المقابلات إلى فهم العلاقة المتوترة بين وسائل الإعلام والكيانات السياسية السورية، إضافة إلى تأثير تشتت الجمهور السوري على هذه العلاقة.
تناولت المقابلات العوامل التي تساهم في ضعف التغطية الإعلامية لأنشطة الكيانات السياسية، بما في ذلك طبيعة التمويل السياسي وتأثيره على استقلالية الإعلام، إلى جانب تسليط الضوء على أزمة الثقة بين الجمهور والكيانات السياسية، وتأثير هذه الفجوة على عمل الإعلاميين.

1. دور الإعلام والصحفيين داخل الكيانات السياسية السورية

بينت المقابلات أن بعض الكيانات السياسية السورية تواجه تحديات جوهرية في فهم وتعزيز دور الإعلام والصحفيين المنضويين ضمن هياكلها التنظيمية، وبالتالي تميل إلى تقييد حرية الصحفيين العاملين داخلها.
يشير العديد من الصحفيين إلى أن هذه الكيانات غالبًا ما تتعامل مع الصحفيين كأعضاء ملتزمين يجب أن يتقيدوا بالأنظمة الداخلية والضوابط المطبقة على بقية الأعضاء، مما يحد من مساحة الحرية المتاحة لهم في التغطية والانتقاد والإشارة إلى الأخطاء.
هذا النهج يؤدي إلى تقييد الدور الحقيقي للصحفيين، حيث يُفترض أن يكونوا جسرًا بين الكيان والجمهور، قادرين على نقل الصورة بموضوعية وشفافية.
الأمثلة المتعددة التي حصلنا عليها من خلال المقابلات، تشير إلى أن غياب الاستثناءات الخاصة بالصحفيين وعدم منحهم هامشًا أكبر من الحرية يساهم في فقدان الثقة بين الإعلام والكيانات السياسية، ويؤدي إلى ضعف التغطية الإعلامية الداخلية لأنشطتها وبالتالي عزوف عدد كبير من الاعلاميين من الانضمام او التعاون والتواصل مع الكيانات والاجسام السياسية السورية.


وبذلك، يُعد إعادة النظر في العلاقة بين الصحفيين والكيانات ضرورة ملحة، من خلال توفير مساحة عمل أوسع واستقلالية أكبر للصحفيين، مما يعزز من قدرتهم على أداء دورهم النقدي والمهني بشكل فعّال.
كما يجب أن يُدرك القادة السياسيون أن الصحفي ليس مجرد عضو عادي، ولا ينبغي تطبيق جميع مواد النظام الداخلي والضوابط عليه بنفس الطريقة.

2. تأثير تشتت الجمهور السوري على تقييم فعالية الكيانات السياسية

يُشكل تشتت الشعب السوري عبر القارات والدول تحديًا كبيرًا في قياس وتقييم تأثير الكيانات السياسية على الجمهور المستهدف.
في السياقات السياسية التقليدية، يُقاس نجاح الحزب أو الكيان السياسي بعدد ناخبيه وقدرته على التأثير في شارع محدد أو جمهور واضح المعالم.
ولكن في الحالة السورية، أدى النزوح واللجوء إلى تفتيت الجمهور، حيث انقسم الشعب وتوزع بين بلدان عدة، مما جعل من الصعب تحديد قاعدة جماهيرية ثابتة لأي كيان سياسي، وبالتالي مما يضعف من إمكانية تقييم فعالية وتأثير هذه الكيانات بدقة.
هذا التشتت يؤدي أيضًا إلى صعوبةٍ في التنسيق والتأثير الفعلي على الأرض، ويعقّد من قدرة الكيانات على التحشيد أو تنفيذ استراتيجيات فعالة ومشتركة.


هذه الفجوة تسهم في خلط الأوراق بين القوى المحلية والدولية، حيث يصعب تحديد الثقل الشعبي والسياسي لكل كيان أو قوة سياسية سورية، مما يؤدي بدوره إلى تضليل الجهات الداعمة وصناع القرار بشأن قوة وفعالية تلك الكيانات في الساحة السورية والدولية.


3. تحديات تطبيق الأنظمة الداخلية في بيئة سياسية متغيرة

من وجهة نظر الصحفيين أن الكيانات السياسية السورية تُعاني من صعوبات في تطبيق أنظمتها الداخلية على نحو يعكس ديناميكية الواقع السياسي المتقلب.
فعندما تم وضع هذه الأنظمة الداخلية او مدونات الضوابط والسلوك، تم تصميمها غالبًا لتتناسب مع سيناريوهات محددة، كما يعتقد القائمون عليها أنها ستتوافق مع كل ما قد يواجه الكيان، ولكن في الواقع المعقد للحالة السورية، تعجز هذه الأنظمة والضوابط عن التعامل بمرونة مع الحالات الاستثنائية والمشكلات المفاجئة التي قد يواجهها الأعضاء في الداخل السوري والخارج.
مما قد ينتج عن هذه المتغيرات، حالات غير متوقعة تتطلب تعديلات سريعة قد لا تكون ممكنة بسبب طول الدورات الانتخابية والتي قد تمتد لسنوات، وتعقيد إجراءات التعديل والإضافة وتبني نهج البيروقراطية الزائدة في بعض الأحيان، مما يؤدي إلى تعطيل العمل وعدم القدرة على الاستجابة السريعة للتحديات.
بالإضافة إلى ذلك، تبرز مشكلة الانتماء المتعدد، حيث ينتمي العديد من الأفراد إلى أكثر من كيان سياسي في محاولة للبحث عن المشروع الأكثر فعالية.
هذا التعدد في الانتماءات يخلق تضاربًا في الولاءات ويضعف من التماسك الداخلي للكيانات، كما يؤدي إلى تضليل الجمهور وصناع القرار بشأن القوة الحقيقية والتأثير الفعلي لهذه الكيانات.
الأمثلة التي حصلنا عليها من خلال المقابلات، تشمل الأفراد الذين يُفصلون من كيان ما بسهولة لينضموا إلى آخر دون عواقب تُذكر، مما يُظهر ضعفًا في آليات الضبط والمساءلة والتنسيق بين الكيانات السياسية جميعها.
للتغلب على هذه التحديات، تحتاج الكيانات إلى تطوير أنظمة داخلية أكثر مرونة وإجراءات واضحة للتعامل مع الحالات الاستثنائية، بالإضافة إلى سياسات مشتركة بين جميع الكيانات السياسية السورية تمنع ازدواجية الانتماء وتعزز من الالتزام والتماسك الداخلي لكل مكون او تحالف.

4. أسباب ضعف التغطية الإعلامية لأنشطة الكيانات السياسية السورية

يتفق العديد من الصحفيين على أن ضعف التغطية الإعلامية لأنشطة الكيانات السياسية السورية يعود إلى افتقار هذه الأنشطة للتأثير الحقيقي والمضمون الجديد الذي يستحق الاهتمام الإعلامي.
غالبًا ما تتسم الفعاليات والمؤتمرات بالتكرار والاجترار لنفس الخطابات والمطالب دون تقديم حلول أو مبادرات جديدة.

هذا الأمر يجعلها أقل جاذبية لوسائل الإعلام التي تبحث عن الأخبار ذات القيمة والأثر.
حيث يتم ترتيب الأخبار وتغطيتها بناءً على أهميتها ومدى تأثيرها، وليس فقط لأنها صادرة عن كيان سياسي معين.
على سبيل المثال، الأنشطة التي تقوم بها بعض الكيانات السورية و تُسهم في إصدار قرارات دولية جديدة أو تحرك الملف السوري في الأروقة الدولية، تحظى بأولوية في التغطية، بينما تُهمل الفعاليات الروتينية التي لا تضيف شيئًا جديدًا.
كما أن الأنشطة الداخلية، مثل المظاهرات والاعتصامات داخل سوريا، تُعتبر أكثر أهمية نظرًا لتعبيرها المباشر عن نبض الشارع وتأثيرها الفعلي.
بالتالي، تحتاج الكيانات إلى إعادة تقييم استراتيجياتها الإعلامية والتركيز على خلق محتوى ذو قيمة وأثر حقيقي لجذب اهتمام وسائل الإعلام وتعزيز حضورها في المشهد الإعلامي.

5.أثر التبعية الإعلامية وغياب الاستقلالية على التغطية السياسية

يرى بعض الإعلاميين أن ضعف التغطية الإعلامية لأنشطة الكيانات السياسية السورية يرجع إلى تبعية وسائل الإعلام للجهات الممولة لها، والتي تتحكم في المحتوى وتوجهات الوسيلة الإعلامية بما يتماشى مع مصالحها السياسية.
هذا التمويل غالباً ما يكون مدفوعاً بدوافع سياسية بحتة، وليس بغرض تحقيق أرباح مالية، مما يؤدي إلى انحياز واضح يدفع الوسائل الإعلامية لدعم كيان سياسي محدد، وفي المقابل تجاهل أو حتى تشويه صورة الكيانات الأخرى المنافسة.
تتسبب هذه التبعية في تقييد نطاق التغطية الموضوعية، الأمر الذي يضعف من مصداقية العمل السياسي السوري أمام الجمهور، ويزيد من الفجوة بين الإعلام والجمهور الباحث عن الحقيقة.

أضاف بعض الإعلاميين أن المشكلة لا تتعلق فقط بالتبعية المالية، بل أيضاً بضعف الوعي الوطني لدى وسائل الإعلام، حيث يتأثر المحتوى الإعلامي برغبات الجمهور المتعب سياسياً، والذي لم يعد يتابع الأخبار السياسية نتيجة خيبة أمل تراكمت على مدار 14 عاماً.
نتيجة لذلك، تنزلق وسائل الإعلام وراء أخبار خفيفة لجذب المشاهدين، ما يجعلها تعتمد على نمط استهلاكي بحت دون أداء دورها الأخلاقي كمراقب وموجّه.

بالإضافة إلى ذلك، شهدت السنوات الأخيرة انكفاءً من الكيانات السياسية، حيث تقتصر دعوتها على وسائل إعلام محددة تتفق معها أيديولوجياً أو تهادنها، متجاهلة بذلك وسائل الإعلام الأخرى المستقلة.
هذا التوجه يعمّق من الأزمة الإعلامية والسياسية، ويحدّ من فرص تغطية المؤتمرات والفعاليات السياسية بشفافية، مما يؤثر على فهم الجمهور وتفاعله مع المشهد السياسي.

6. الفجوة بين الكيانات السياسية والإعلام والجمهور السوري

يرى الإعلاميون أن هناك فجوة ثقة واسعة ومتزايدة بين وسائل الإعلام والكيانات السياسية السورية من جهة، وبين الجمهور من جهة أخرى.
تفاقمت هذه الفجوة على مدار السنوات، إذ أظهرت المقابلات مع المختصين والعاملين في مجال الاعلام، مدى ضعف العلاقة المتبادلة بين الطرفين؛ فمعظم وسائل الإعلام السورية، والتي تعاني من ضياع بوصلة رسالتها الإعلامية وتبني محتوى ضحل، تنحاز في محتواها غالباً إلى التوجهات السياسية للجهات الممولة، سواء من النظام أو المعارضة، ما يؤدي إلى فقدان استقلاليتها وإضعاف دورها الرقابي.

يوضح بعض المختصين أن حوالي 75 بالمئة من هذه الوسائل الإعلامية أصبحت غير قادرة على تقديم محتوى ذو تأثير فعلي، فيما يعمل الإعلام الحكومي على تشويه صورة المعارضة باستمرار، مع غياب الدور الإعلامي الحر والمستقل الذي كان من المفترض أن يراقب ويقيّم عمل الكيانات السياسية المعارضة.

تتجلى المشكلة هنا في أن غالبية وسائل الإعلام، سواء تلك المؤيدة للنظام أو المعارضة، تتبع أجندات دولية نتيجة اعتمادهما على التمويل الخارجي، وهو ما يعمق ارتباطها بأهداف خارجية ويجعلها تميل لتحقيق مصالح مستقبلية بدلاً من خدمة الصالح الوطني.

ويرى بعض الصحفيين أن مشكلة الفجوة تعود جزئياً إلى الطريقة التي يُفرض بها على الصحفيين العمل داخل الكيانات السياسية؛ فحينما يتم تحديد أطر صارمة لعمل الصحفي، يفقد دوره الأساسي كمراقب مستقل، ويُضطر إلى العمل كعضو في الكيان، مما يفقده موضوعيته ويجعل المحتوى الإعلامي أبعد ما يكون عن الواقع.
من جانب آخر، يتبين أن هذه الفجوة لا تقتصر على العلاقة بين الإعلام والكيانات السياسية، بل تمتد إلى الجمهور نفسه.
فوفقًا لبعض العاملين في القنوات التلفزيونية، تعتبر وسائل الإعلام نفسها وسيطاً بين الجمهور والكيانات السياسية، إلا أن ضعف الثقة بين الجمهور وهذه الكيانات يؤثر بشكل مباشر على رغبة وسائل الإعلام في التغطية.

أحد الأمثلة البارزة جاء من معد برامج يعمل في قناة تلفزيونية، أوضح فيه أن القناة تهدف قبل كل شيء إلى كسب ثقة الجمهور وزيادة شعبيتها. 
وفي ظل هذا الهدف، تواجه وسائل الإعلام تحدياً عند عرض فعاليات كيانات سياسية على جمهور يعيش في مخيمات أو يعاني من أوضاع معيشية صعبة؛ حيث يرى هؤلاء أن هذه الأنشطة بعيدة عن واقعهم ولا تؤثر فعلياً في حياتهم، ما قد يؤدي إلى رفض الجمهور لهذا النوع من المحتوى.

بالنسبة لوسائل الإعلام، قد تؤدي تغطية أنشطة أي كيان سياسي إلى تراجع ثقة الجمهور بها، خاصة إذا كانت تلك الأنشطة لا تحقق أثراً ملموساً أو تغييراً فعلياً في حياة الناس.

ولذا، يفضل بعض الإعلاميين أن تبقى هذه الكيانات بعيدة عن الأضواء حتى تحقق إنجازاً ملموساً أو تقدماً فعلياً، ما سيسمح عندها بتغطية أنشطتها من قبل الإعلام بشكل أكبر، ويجعل منها موضع اهتمام يستحق التغطية ويضمن تجاوب الجمهور، دون تعريض وسائل الإعلام لخسارة ثقة المشاهدين أو المجازفة بشعبيتها.



الخاتمة

قدمت هذه الدراسة استكشافًا شاملاً للتحديات التنظيمية العميقة التي تواجه الكيانات السياسية في سوريا، مسلطة الضوء على عوامل هيكلية أساسية تعوق عمل هذه الكيانات، مثل غياب الأطر القانونية المنظمة، وقلة الكوادر المؤهلة والمتفرغة، وتعدد الانتماءات.
وأظهرت الدراسة أن غياب آليات تنظيمية واضحة يضعف الالتزام الداخلي ويعوق قدرة هذه الكيانات على تحقيق أهدافها بشكل فاعل، كما يؤدي إلى تشتت الرؤية السياسية وتضارب الولاءات.
من هنا، تكمن الحاجة في توحيد الهوية السياسية لكل كيان وتعزيز مبدأ “من يعمل يُكافأ”، بما يسهم في تحقيق الترابط الداخلي والشفافية، ويعزز مصداقية الكيانات أمام الرأي العام السوري والدولي.


الوصايا الثلاثة عشر للدراسة:

في ختام هذه الدراسة، نقدم “الوصايا الثلاث عشرة” كخلاصة مركزة لأهم التوصيات التي توصلنا إليها، وهي نقاط عملية قابلة للتنفيذ جزئياً أو كلياً، تهدف إلى تحسين التنظيم السياسي وتعزيز فعالية الكيانات السياسية السورية.
هذه الوصايا تُمثل خارطة طريق مقترحة تدعم الشفافية، وتُسهم في بناء هوية سياسية مستقرة تساعد في مواجهة التحديات المعقدة والظروف الراهنة.

1. وضع أطر تنظيمية موحدة للكيانات السياسية السورية، تشمل قوانين تنظيم العضوية وتضارب المصالح.
2.تحديد الهوية السياسية بوضوح لكل كيان سياسي دون أي لبس أو ازدواجية.
3. توفير تمويل ذاتي مستدام للأجسام السياسية من خلال اشتراكات الأعضاء أو التبرعات غير المشروطة.
4. تفعيل المشاركة الفعالة للأعضاء في صياغة سياسات الكيان لتعزيز الانتماء وتقليل تضارب الانتماءات.
5. تنظيم حضور الأعضاء في المؤتمرات كضيوف، مع تقييد مشاركة القيادات في فعاليات متعارضة.
6. منح الصحفيين مساحة حرية نقدية مستقلة داخل الكيانات لتعزيز الشفافية الإعلامية.
7.الاستعانة بخبراء في صياغة أنظمة داخلية مرنة تتناسب مع التغيرات الطارئة.
8. تحديث آليات النظام الداخلي بشكل دوري يسمح بالتعديلات الفورية عند الحاجة.
9. تأسيس منصات تواصل وتنظيم الاجتماعات الدورية للتواصل بين الكيانات السياسية لتوحيد الرؤى وتوثيق الاتفاقات المشتركة.
10. الالتزام بإصدار تقارير أداء شفافة، مع تعزيز آليات الرقابة والمساءلة الداخلية.
11. تطبيق مبدأ “من يعمل يُكافأ” وتقديم تعويضات مالية للحد من الاعتماد على العمل التطوعي
12. تفعيل منهجيات الحوكمة الحديثة لخلق تنظيم سياسي مستدام ومؤسسي.
13. بناء برامج تدريب وتأهيل للكوادر الشابة لضمان استمرارية القيادة الفعالة.


رسالة شكر وتوجيه من فريق العمل

يتوجه فريق العمل في منصة تمكين الشباب و المكتب الإعلامي في التحالف السوري الديمقراطي بالشكر الجزيل لكل من ساهم في إنجاز هذا البحث، بما في ذلك السياسيون، والأكاديميون، والناشطون، والإعلاميون، والمتخصصون في الشأن العام، الذين شاركوا في الاستطلاعات والمقابلات وقدموا رؤى وخبرات ثمينة أثرت محتوى الدراسة.

كما نتوجه بالشكر لكافة مراكز الأبحاث والدراسات والباحثين الذين قد يرغبون في الاستشهاد بهذه الدراسة أو تطوير محتواها، وربما يجدون في هذه الدراسة نقطة انطلاق لدراسات مستقبلية، 
ويسعدنا أن تكون هذه الجهود نقطة انطلاق وأساسًا لمواصلة البحث واستكماله، مما يساهم في إثراء الفهم والتنظيم السياسي في سوريا، ويدعم مساعي الإصلاح السياسي المستدام.


مقترحات لمجالات إضافية للبحث

نقترح على الباحثين ومراكز الدراسات استكمال البحث في المجالات التالية:
1. تطوير الهياكل التنظيمية للأجسام السياسية في البيئات غير المستقرة: أساليب فاعلة لضمان استمرارية الكيانات رغم الصراعات.
2. تحليل التحديات القانونية لتثبيت هوية الكيانات السياسية: وضع إطار قانوني يضمن وضوح الأهداف وحقوق الأعضاء.
3. دور الشباب في بناء الهوية السياسية وتوجيه مسار العمل السياسي: أهمية إشراك الشباب في تطوير رؤى سياسية تعزز التماسك الاجتماعي.
4. التمويل المستدام للأجسام السياسية بين التحديات والفرص: دراسة آليات تحقيق الاستقلال المالي للأجسام السياسية السورية بعيدًا عن الدعم الخارجي المشروط.
5. الحوكمة الرشيدة وآليات الرقابة والمساءلة في العمل السياسي السوري: تعزيز ثقافة الحوكمة ضمن الكيانات لضمان الشفافية والمصداقية أمام المجتمع.

ختامًا، نأمل أن يسهم هذا العمل في إتاحة رؤى جديدة لفهم أعمق للواقع السياسي السوري وسبل تطويره، بما يدعم مسيرة التحول نحو بناء ديمقراطي مستدام في سوريا.

تابعونا على وسائل التواصل الاجتماعي:

  Facebook      | Twitter      | Instagram      | WhatsApp    |Threads 


من فضلك قم بمشاركة الرابط

فريق تمكين الشباب

"فريق تمكين الشباب" هو مجموعة من الشباب المهنيين المتخصصين والمتحمسين لدعم الشباب وتطوير قدراتهم عبر مجموعة متنوعة من المبادرات والمقالات التي تهدف إلى إلهام وتحفيز الشباب على تحقيق أهدافهم. يعمل فريقنا على تقديم المحتوى الأكثر أهمية وفائدة، مع التركيز على القضايا المعاصرة والفرص التي تعزز النمو الشخصي والمهني للشباب. بفضل خبراتنا المتعددة، نحن نقدم رؤى فريدة ونصائح عملية، معتمدين على البحث الدقيق والتحليلات لتقديم محتوى يدعم التطوير المستمر والابتكار. منصة تمكين الشباب هي موردكم للاستكشاف والتعلم والنمو، حيث نسعى جاهدين لمواكبة التحديات وتحويلها إلى فرص لشباب اليوم. شعارنا دعم اليوم...لقيادة الغد