إزدواجية الانتماء في الكيانات السياسية السورية
إزدواجية الانتماء في الكيانات السياسية السورية
تداعيات التنظيم وتحديات الإصلاح – مقاربة بحثية للعمل السياسي
بعد عقود طويلة من احتكار السياسة بيد الحزب الواحد في سوريا، غُيّب الشعب السوري، بما في ذلك النخب، عن ممارسة العمل السياسي بشكله المؤسسي والسليم، مما أدى إلى افتقار المجتمع السوري إلى الخبرة العملية في العمل السياسي.
ومع اندلاع الثورة قبل أكثر من 13 عامًا، انخرطت شرائح واسعة من المجتمع السوري، بما فيها النشطاء والسياسيين المستقلين، في ساحة العمل العام والسياسي لأول مرة، سعياً لتحقيق أهداف الحرية والعدالة والديمقراطية.
غير أن هذه البيئة الجديدة جاءت في ظل غياب قوانين تنظم العمل السياسي وتعزز من هيكلة الأحزاب والكيانات، مما أفسح المجال أمام ظهور نوع جديد ما بات يُعرف لاحقاً بـ”المكونات” و”الأجسام والكتل السياسية” كبدائل غير تقليدية، تجمع بين السياسيين والنشطاء والمعارضين.
وبدلاً من أن تكون هذه الأجسام امتدادًا للممارسات الحزبية المعروفة، فقد ظهرت ككيانات مرنة تجتمع حول أهداف عامة بدون أسس تنظيمية واضحة أو أيديولوجيا متماسكة، مما أدى إلى خلق بيئة غير مستقرة تسودها تعددية غير منظمة.
في هذه الساحة غير المهيكلة، يتجه العديد من الأفراد إلى تأسيس تجمعات تضم فئات متنوعة، ما يؤدي إلى تداخل في الانتماءات بين هذه الأجسام، وأحياناً إلى تعدد عضويات الأفراد داخلها، بما في ذلك شغل مناصب قيادية في أكثر من جهة سياسية.
يتسبب هذا التداخل في إشكاليات عديدة، من أهمها تضارب المصالح وضعف الولاء لأهداف محددة، مما يُعقّد اتخاذ القرار الجماعي ويُضعف من قدرة المكونات على التوافق حول رؤية موحدة تخدم الصالح العام.
تسعى هذه الدراسة إلى استكشاف أبعاد هذه الإشكالية ضمن السياق السوري، من خلال تحليل تأثير ازدواجية العضوية والحضور المزدوج في المؤتمرات على الشفافية والفعالية السياسية.
كما تُلقي الضوء على تجارب دولية ناجحة في تنظيم العضوية الحزبية، بما يوفر فهمًا أعمق للسبل الممكنة لتعزيز الشفافية ، وتستعرض التحديات المتعلقة بالمرونة في الأنظمة الداخلية للكيانات السياسية، ودور الإعلام في تعميق الفجوة أو سدّها بين الكيانات والجمهور
ويأتي هذا البحث ليقدم توصيات عملية تهدف إلى إيجاد حلول قابلة للتطبيق، تُسهم في بناء بيئة سياسية سورية أكثر تنظيمًا واستقرارًا، قادرة على تلبية طموحات الشعب السوري وتحقيق التحول نحو الديمقراطية.
تنويه من فريق منصة تمكين الشباب والمكتب الإعلامي في التحالف السوري الديمقراطي
1. حول تصنيف المقالة
رغم المجهود الكبير الذي بذله فريق العمل المختص في منصة تمكين الشباب، والمكتب الإعلامي في التحالف السوري الديمقراطي، فقد اخترنا بتواضع ألا نطلق على هذا العمل صفة “دراسة” كاملة، إذ نعلم أن الدراسات العلمية في هذا المجال تتطلب جهدًا مضاعفًا ووقتًا أطول لتحقيق عمق بحثي كافٍ.
لذا، سنكتفي بتسميته “مقالة بحثية” أو “مقال رأي”، مع الإشارة إلى ورود كلمة دراسة في بعض المواضع للإشارة إلى طبيعة هذا الجهد.
قد يتضمن هذا المقال في بعض أجزائه وجهات نظر فريق العمل، مع التزامنا التام بالحيادية والدقة والمصداقية في تحليل البيانات وعرض نتائج الاستطلاعات والمقابلات.
وننوه إلى أن هذه الآراء تعكس رؤية فريق العمل وحده، ولا تعبّر بالضرورة عن موقف منصة تمكين الشباب أو التحالف السوري الديمقراطي.
2.حول منهجية المقابلات وشكر الخبراء
قام فريقنا بتوجيه اسئلة مخصصة وأجرى مقابلات فردية مع أكثر من 20 سياسيًا وخبيرًا وأكاديميًا ,وإعلامياً مختصًا في الشأن السياسي والتنظيمي السوري والعربي، ونود أن نعرب عن خالص تقديرنا لكل من أسهم في إثراء هذا العمل.
ولأن العديد من المشاركين طلبوا عدم ذكر أسمائهم، قررنا عدم إدراج أسماء الخبراء والمساهمين في هذه المقالة التزامًا بمبدأ الإنصاف تجاه الجميع. ندرك أن عدم ذكر الأسماء قد يحرم المقالة من تعزيز المصداقية عبر الاستشهاد المباشر بالمصادر، لكننا اخترنا هذا النهج احترامًا لطلبات المشاركين الكرام، ونأمل أن يعذرونا على هذه الخطوة.
كما نؤكد أيضًا أننا على استعداد لتقديم قائمة الأسماء لأي جهة بحثية أو أكاديمية ترغب في متابعة البحث والاستفادة من هذه الدراسة كأساس للانطلاق والتوسع اكثر في هذا الموضوع.